الاطفال السعداء

من منا لا يحلم بمجتمع يكون جميع أفراده سعداء لا سيما الأطفال منهم. وأن نحلم يعني أن نعمل جاهدين لتحقيق هذا الحلم لا أن نقعد محسورين لنقول هيهات. و في مجال العمل مع الفئات الخاصة والمعاقون منهم تحديدا نحلم جميعا بأن يكونوا أطفالا سعداء.

ففي منطقة بفاريا الألمانية يطلق على الأطفال شديدي ومتعددي الإعاقة "الأطفال السعداء" نسبة إلى اسم البروفيسور الذي اهتم بهم وابتكر أساليب جديدة لتعليمهم حيث أن اسمه يعني "سعيد" وهكذا لأن التسمية تطابقت مع مشاعر السعادة التي عبر عنها هؤلاء الأطفال عندما تلقوا تعليمهم بطريقة هذا الأستاذ " فروهليخ" أو "سعيد" درج الجميع على إطلاقها عليهم.

وللنظر إلى وضع الأطفال شديدي الإعاقة في معظم وليس كل دولنا العربية والكثير من الدول الأجنبية أيضا. إنهم في رأيي ومن خلال ملاحظاتي أطفال تعساء، وحيدون ومنبوذون. نجدهم إما خلف الأبواب المغلقة أو على أسرة المستشفيات بين أيدي ممرضات أصابهن الملل والإحباط و وصلن إلى مرحلة العجز عن إضافة أي جديد إلى تلك الروح المحبوسة في جسد عليل. فبقدر ما يحتاج هؤلاء الأطفال إلى الرعاية والعناية بقدر ما يحتاج القائمون على رعايتهم إلى الاهتمام والدعم والمواساة.

يدعي الكثيرون أن هناك اهتمام بهذه الفئة ولكن ما نوع هذا الاهتمام؟ وما هو مردوده المعنوي على الطفل شديد الإعاقة؟ أعتقد أن الاهتمام هنا مقتصر على النظافة والأكل والملبس والرعاية الطبية. هذا في أفضل الحالات ولن نتحدث عن الحالات الأخرى الغالبة لأننا نود أن نكون متفائلين. هل نكون بهذا قد قدمنا لهم ما يستحقون؟

إن من حق هؤلاء الأطفال والكبار أيضا علينا أن نمنحهم الحب وبالتالي الشعور بالأمان وأن نوفر لهم فرص التعلم كحق من حقوقهم لا منة ولا صدق. من حقهم علينا أن يعيشوا بيننا، يذهبوا حيثما نذهب ويتعلموا من تجارب الحياة وخبراتها كما نتعلم نحن، وإن اختلفت الوسيلة!!

بسبب الإعاقة الشديدة لم يمر هؤلاء الأطفال بالكثير من التجارب التي من الممكن أن يكتسبوا منها خبرات كثيرة تعينهم على النمو والعيش في هذه الحياة. وعلينا كعاملين معهم أن نعوضهم عن هذه الخبرات وأن نعرضهم لتجارب مشابهة لتلك التي افتقدوها. وعلينا أيضا أن نمنحهم الشعور بالأمان وبالحب.

أما كيف؟ فبعضنا قد يعرف الإجابة بالفطرة الإنسانية عنده. ولكن أغلبنا بحاجة إلى أن يتعلم ذلك، المهم في هذه المرحلة أن تكون لدينا القناعة الكاملة بأهمية هذا الأمر وبإمكانية تحقيقه إذا ما عملنا من أجله ويسهل علينابعد ذلك "كيف".


[gl]م ن ق و ل للفائده [/gl]